إقتراح تعديل القانون رقم ٦٧٣ – الصادر في ١٦/٣/١٩٩٨ يتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف
الأسباب الموجبة
لاقتراح تعديل القانون رقم 673
المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف
اعتمد قانون المخدرات الصادر في 1998 مقاربة مميزة للتعاطي مع المدمن على المواد المخدرة، مفادها تكريس مبدأ العلاج كبديل عن الملاحقة. فتتوقف ملاحقة المدمن اذا اذعن لاجراءات العلاج وثابر عليه حتى تمام شفائه وفق الآليات التي حددها القانون في باب خاص لهذه الغاية.
وللأسف، فان مواد هذا القانون في هذا الخصوص بقيت معطلة لما يزيد عن 15 سنة، مما ابقى المدمن في دائرة المعاقبة والتوقيف والوصم والتكرار ومن دون اتاحة فرص حقيقية للعلاج. وذلك يعود لمجموعة من الأمور اهمها عدم وجود مراكز علاج من شأنها منح المدمن علاجا مجانيا وفق ما نص عليه القانون، وهو أمر أدى عمليا الى تعطيل لجنة الادمان التي اناط بها القانون مهمة احالة المدمن الى العلاج ومواكبته خلالها. وبالرغم من تفعيل لجنة مكافحة الادمان سنة 2013 (وهو تفعيل حصل بشكل خجول نظرا للعدد القليل من الملفا المحالة اليها)، كان لا بد من اعادة النظر في القانون من زوايا عدة، ضمانا لتطبيق مبدأ العلاج من الملاحقة من دون تعطيل.
ومن أبرز الزوايا التي تم اعادة النظر في القانون منها، الآتية:
1- اعادة النظر في اساليب العلاج المنصوص عليها في القانون:
- الإحالة إلى أسلوب العلاج الملائم المتوفر في لبنان، ومن هذه الأساليب العلاج الداخلي، العلاج الخارجي والعلاج بالمواد البديلة وغيرها،
- تعديل المهل والاجراءات المنصوص عليها قانونا للعلاج الجسماني أو النفساني، بحيث تكون اكثر تناسبا مع تطور الاجراءات العلاجية وتكامل البرنامج،
- وضع نصوص اكثر تفهما لواقع الادمان: ومن هنا وجوب تعديل مفهوم "الشفاء التام" الذي يشكل شرطا لوقف الملاحقة، واستبداله بمفهوم "اكمال برنامج العلاج بنجاح" طالما ان هذا المفهوم يفترض مقاربة شبه حسابية للادمان مفادها ان اي فشل في العلاج يفترض بالضرورة تقاعسا من المدمن عن الالتزام به مما يوجب ملاحقته. كما يقتضي توضيح مفهوم "الانقطاع عن العلاج". فتعاطي المواد المخدرة مجددا، ولو لمرة، خلال فترة العلاج لا يشكل انقطاعا عنه، انما قد يشكل في الغالب تعثرا مؤقتا وشبه طبيعي في فترة العلاج. ومن هنا اهمية تعريف الانقطاع عنه بأنه يعني تصرف المدمن على نحو يستشف منه بوضوح ارادة ثابتة لديه بالتفلت من اجراءات العلاج.
- وجوب تعزيز الثقة بين المدمن والجهاز الذي يتولى العلاج، وذلك من خلال الغاء النص الذي يفرض وضع حراسة على مراكز علاج الادمان. بالإضافة فإن وجود حراسة على مراكز العلاج يلغي الإختيار التلقائي للعلاج المذكور في القانون،
- تشجيع اللجوء الطوعي الى العلاج، وتوسيع حالاته، وخصوصا الحالات التي يكون للأهل او الزوج صلاحية المبادرة اليه،
- فتح باب تطبيق المبدأ في حال توفر اثباتات كافية على اكمال المدمن العلاج بنجاح، وذلك تفاديا لعرقلة تنفيذ القانون باعتبارات تخرج عن ارادة المدمن، كما قد تكون عليه حال عدم انشاء مصحات عامة او عدم اعتماد مراكز علاج خاصة وفق ما ينص عليه القانون.
- فتح باب ضم الملاحقات المختلفة بحيث تتوقف جميعها في حال اكمال المدمن لعلاجه.
2- اعادة النظر في الاطار المؤسساتي لتطبيق مبدأ العلاج كبديل عن الملاحقة:
هنا، لا بد من اعادة النظر بلجنة مكافحة الادمان التي تتولى مهمة احالة المدمن الى العلاج ومواكبته فيه، وذلك بهدف جعلها اكثر ليونة وقدرة على القيام بعملها. ومن هنا، تضمن مشروع القانون التعديلات الآتية:
- جعل اللجنة مناطقية وليس مركزية، وهكذا يمكن انشاء لجنة في كل محافظة، مع اعطاء وزير العدل امكانية دمج لجنتين او انشاء اكثر من لجنة في محافظة معينة، وذلك على ضوء الحاجة،
- اعادة النظر في طبيعة اللجنة التي تتحول من لجنة ادارية مركزية، بمستطاعها اتخاذ القرار بشفاء المدمن، الى لجنة تتولى التنسيق بين القضاء ومراكز العلاج في الاتجاهين، على ان تعمل تحت اشراف القاضي الناظر في الدعوى وان يكون رأيها استشاريا غير مقيد للقاضي، وان تقبل قراراتها الاعتراض امام هذا القاضي،
- اعادة النظر في تشكيل اللجنة، بحيث يتواجد فيها طبيب نفساني ومساعد اجتماعي فضلا عن ممثل للمجتمع المدني. بالمقابل، من غير المناسب ابقاء ممثل عن مكتب مكافحة المخدرات، لعدم ملاءمة الخلط بين الأجهزة التي تعنى بالملاحقة والأجهزة التي تعنى بالعلاج،
- ترك الباب مفتوحا امام اللجوء الى الاحالة الى اي مصح او مركز علاج بقرار من اللجنة،
- ترك الباب مفتوحا امام القضاة الذين لديهم الخبرة والوقت الكافيين في التواصل مباشرة مع مراكز العلاج من دون المرور بالضرورة بلجنة الادمان، وذلك تفاديا لتعطيل النظام في حال تخلفها عن العمل.
3- اعادة النظر بالأفعال المعاقب عليها وبالعقوبات عملا بمبادئ تناسب العقوبة مع خطورة الجرم:
مع مراعاة امكانية وقف الملاحقة بحق المدمن في حال علاجه، ينص القانون الحالي على عقوبات جد قاسية على استعمال المخدر، بما فيه استعماله على سبيل الترفيه ومن دون اي ارتهان، تصل الى ثلاث سنوات فضلا عن الغرامات. وكما ان تأمين المادة للغير (سواء تم تسهيلا أو ترويجا أو اتجارا أو انتاجا أو استيرادا الخ. وسواء تم من رؤساء عصابات أو من اشخاص مدمنيين يبيعون المادة للحصول على حاجتهم منها) يعاقب عليه من دون تمييز بعقوبة موحدة هي المؤبد، بامكان القاضي ان يخفضها حتى خمس سنوات كحد ادنى. والواقع أن هذه العقوبات تبدو وكأنها تخالف مبدأ تناسب العقوبة مع خطورة الجرم، مما يفرض اعادة النظر بها، من زوايا عدة، ابرزها الآتية:
- اعادة النظر في العقوبة التي يخضع لها استعمال المواد المخدرة من دون ارتهان لها،
- فتح الباب امام النيابات العامة في اتخاذ اجراء بديل عن الملاحقة،
- اعادة النظر في مفاعيل التكرار الذي يمنع وقف تنفيذ العقوبة في القانون الحالي، طالما ان التكرار في حال الادمان يشكل أمراً طبيعياً، وانه يشكل مؤشرا على حاجة اكبر للعلاج،
- اعادة النظر في الوضعية القانونية للأفعال الآيلة الى تأمين المادة المخدرة للغير (تسهيل، ترويج، اتجار الخ.) ووضع عقوبات متفاوتة وفق درجة الخطورة، بحيث تزيد العقوبة بقدر ما تزيد خطورة الفعل، والعكس صحيح، على ان يكون لصغار المروجين (الذين غالبا ما يبيعون المادة لتأمين حاجتهم منها) وضعية خاصة في هذا المجال،
- انشاء صندوق تخصص له الغرامات على نحو يتيح استخدامها لتعزيز فرص العلاج،
4- الحفاظ على سرية المدمن/التعاطي والحؤول دون وصمه، وذلك تسهيلا لاعادة دمجه اجتماعيا:
ومن ابرز القضايا الواجب التفكير بها في هذا الصدد، الآتية:
- ضمان حق المدمن بالسرية في حال لجوئه طوعا الى مصحات العلاج وذلك تشجيعا له لسلوك هذا المسار بمنأى عن اي تدخل اجتماعي.
- عدم ادراج الاحكام الصادرة في جرائم استعمال المخدر في السجل العدلي (بيان رقم 1).
- الحؤول دون نشر أسماء المحكوم عليهم بجرائم استعمال المخدر.
بناء عليه،
يتشرف الموقعون أدناه بعرض اقتراح القانون هذا على مجلسكم الكريم آملين مناقشته واقراره.